حسين خوجلي يكتب: الناي الحزين في معزوفة عماد الدين

زارني الراحل عماد الدين ابراهيم عندما أطلقت قناة أمدرمان الفضائية مهنئا ومؤازرا. وقال لي بطريقته العذبة:
اليوم بعد ألوان وإذاعة المساء وقناة أمدرمان تستحق دون غيرك لقب سيد الحيشان التلاتة. فقلت له: وأنت يا سيدي تستحق أن تكون أمير المساء في هذه الحلقة.
قال لي مبتسما: ولكني لست مستعدا للحوار
فقلت له مشجعا: لقد عودتنا أن تكون دائما كامل الأناقة شكلا، وكامل الأناقة مضمونا. وافق الرجل بعد إلحاح ورجاءات. طلب مني معد البرنامج والمذيع تعريفا غير تقليدي للضيف فقلت لهم: إن الساحة الثقافية والاعلامية لم يطل عليها منذ بداية الثمانينات نجم معدد الآفاق، وطليق الموهبة مثل عماد الدين، فهو كاتب قصة، وكاتب مسرحية، ومخرج، ومحاضر جامعي، وشاعر، وباحث، ومجتهد، وداعية بالقدوة لا بالمواعظ. ومن كرامته أنه كتب للوسط الفني أغنية معيارية تصلح لكل الأجيال ولكل الأذواق ولكل التيارات (جينا نخت ايدينا الخضرا فوقك يا أرض الطيبين)
وقد افِضت في ذكر مناقب الرجل وادارته الناجحة لقناة وإذاعة الخرطوم ومن بعدها وكيلا لوزارة الثقافة بالولاية، وجميعها في نظري مناصب أدنى من مقام الرجل الفنان.
وطيلة دقائق حديثي عنه كان مطرقا في حياء، وبعدها رفع رأسه وقد ترقرقت في أعينه دمعات لم تخفها لمسة الأصابع الخاطفة، قال لي: ولكنك أخي حسين لم تذكر أصدق ما في سيرتي فقلت له في لهفة: وما الذي نسيته يا عماد؟
ففاجأني بقوله: أن أصدق مافي سيرتي أنني كنت صديقا للراحل عبد المنعم قطبي. وعبد المنعم قطبي هذا كتبت عند رحيله جملة واحدة طبقت الآفاق (كان عبد المنعم قطبي نسخة من المعارف والمكارم مَزيدة ومنقحة نفدت من الأسواق).
عزيزي القارئ إن السودان هذه الأيام مترع بالأحزان والأشواك بيد أن رحيل عماد الدين ابراهيم زاد ايوار الحزن وكثيف الأسى.
رسائلنا لأحرار السودان الحزانى وحرائر “الحلة” المفجوعات كثيرة أما رسالتنا الأخيرة فهي “للحوريات” مباشرة بعامية سودانية ودود وسّلم خماسي شفيف (يا بنوت “الجنة” العامرة ابِشرن بيهو عديلة وزين)

حسين خوجلي