حسين خوجلي يكتب: ليلة المتاريس

كان متوجهاً لمركز غسيل الكلى بالخرطوم ففاجأهُ عمود كهرباء ضخم يعترض الشارع وقد وضعت حوله كمية من الحجارة الضخمة واللافتات المحطمة، مما جعل المرور مستحيلاً.
قال له بعض التلاميذ الذين كانوا يراقبون حيرة الناس بطرف خفي واستخفاف واضح: المرور من هنا يا حاج ممنوع، فهذا ترس العصيان المدني.
شرح حالته الصحية فلم يستجيبوا وعندما يئس ناداهم بأدبٍ ورفق وقال لهم بصوت خفيض ويدٌ مرتجفة:
أنا يا أبنائي جدكم عثمان نقابة شاركتُ في ثورة أكتوبر وساهمت في ليلة المتاريس التي كان عمرها ساعات قلائل، ولذلك بقيت بدهشتها في ذاكرة التاريخ. اعلموا يا أبنائي أن أي فعل ثوري لا يقوم به الشعب (اختياراً) لن يثمر ولن يفيد. وأدار مقود السيارة العجوز يبحث عن طريقٍ جانبي يفضي به إلى العلاج الباهظ التكاليف.
ولا تعلم مصادرنا حتى الآن هل وجد هذا الثائر القديم طريقه إلى الغسيل أم أنه مات كبداً وهو يبحث عن معالم في الطريق؟