حسين خوجلي يكتب: انقلاب للبيع ..!!

الذاكرة الشعبية تختزن حكاية (المداحين) الذين نزلوا على ود النور وأكرمهم بمائدة متواضعة، وقد كانوا يأملون في وليمة بذبح عظيم خاصة وأن ود النور كان له عمبلوق طري ودهين ظل يتقافز أمامهم جيئة وذهاباً دون أن تحرك اغراءاته مدية الجراح.
فقال كبير المداحين وهو يخاطب العمبلوق ويرمي بطرف خفي صاحبه تعريضاً: ( والله يا العمبلوق أصلك ما قصرت، لكن إلا تشيل السكين دي وتضبح روحك)
والملمح من هذه الحكاية تذكرني بالتحالف العدمي الذي يجمع بين الشيوعيين والبعثيين والناصريين والجمهوريين، وكوادرهم المستترة في الأحزاب الطائفية. فهؤلاء بعد أن سرقوا الثورة أعيتهم الحلول والحيل بادارة المرحلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، فصاروا يتقافزون أمام الشعب بكل مافي جعبتهم من رزائل الأقوال والأفعال:
١/ فقد جردوا الوثيقة الدستورية من دين الأغلبية ولسانها، وشطبوا حتى قصار السور من كراسات أطفالنا
٢/ تحرشوا بساقط القول والفعل ضد القوات النظامية تارة بالتآمر العملي بالتفكيك، وتارة بالاغتيال المعنوي عبر الحملات (معليش معليش ما عندنا جيش).. (كنداكة جاء بوليس جرى) .. (الدم الدم يا كلاب الأمن)
٣/ وعبر سياسة ( ده حار وده ما بتكوابو) جربوا الخبز فصنعوا الندرة والغلاء وجربوا الطاقة والوقود فأدخلوا الصفوف السودانية موسوعة غينيس، وجربوا التأمين فصارت الحماية بالسكاكين والسواطير، وصار السلب والسرقة عادة في وضح النهار
٤/ افسدوا علينا علاقاتنا الاقليمية وسوقوا لنا علاقات دولية مزيفة ودفعوا كل حصيلتنا من العملة الصعبة لضحايا المدمرة كول التي برأنا القضاء الأمريكي من دمها، فصارت الفضيحة التي حارت فيها البرية واستدعوا في جهالة جهلاء الأمم المتحدة لكتابة دستورنا وحماية حدودنا، واستعمارنا من جديد ليعود الزمان القهقرى
٥/ صادروا كل مؤسسة ومدرسة وجمعية رأوا فيها خيرا أو أطل منها اسلاماً
٦/ وفوق ذلك سرقوا أحلام الشباب في غضبتهم ولم يتركوا لهم من زاد إلا هتاف قتيل في حلوق يابسة، وقدموا للشعب افكارا عقيمة من (اثداء بدري ماتن وغرزن)، وقيادات محاصصة حزبية امتيازاتها في الخرطوم ووظائفها ومنازلها وأسرها مبعثرة ما بين لندن وبون وستكوهولم وباريس وفرجينيا والرباط، ورضا المؤسسات المشبوهة
٧/ وحين بلغ الجوع مداه والعطش منتهاه والداء مبتغاه ورست (جنازة البحر ) على الشاطئ الأدنى، ماتت في أفواههم حتى مفردات البذاءة وتطايرت من أيديهم الأوراق العجفاء، فاضطروا لقبض الريح. ومثلما تشاهدون الآن ليس في الجبة إلا العواء والبكاء والتخبط الذي يشعلون ناره صبح مساء متلهفين لانقلاب عسكري يخلصهم من خطيئة المرحلة العمياء، لا يهم من الذي سيفعلها الكيزان، الحيران، الشعب الجيعان أو الشباب الحيران لا يهم، المهم أي انقلاب يفك أسرهم ويبدأ بعده لعب دور الضحية الذي يجيدونه شعرا وغناءً وهتافا وهجرة.
وعلى سيرك الوهم ظلوا يتقافزون مثل عمبلوق ود النور والشعب السوداني الساخر يطلق عبارة المادح (الشهيرة الا تشيلوا السكسن وتضبحوا روحكم)
والبرقية الأخيرة في بريد التحالف العدمي لا عتبى ولا عتاب ولا انقلاب. الاستقالة فقط والإذن بالانصراف إلى مزبلة التاريخ