حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما “إن عشقت فاعشق قمر .. وإن سرقت فاسرق جمل”

وفي تأصيل الهمبتة السودانية أن المهاجرية كانوا لا يسرقون إلا جمال البخلاء المنقطعين عن الصدقات والزكاة وهذا بالطبع لا يعطيهم المبرر الاخلاقي ولا الشرعي كما يزعمون، لكنهم على أية حال أشرف من لصوص المدن الذين آثروا التبطل وسرقة هواتف المساكين وحقائب البريئات. ومن أجمل ما قرأت في هذا الباب (لسباع) بن كوثل السِّلمي وكان لصا فاتكاً قوله في هذا المنحى:
وإني لأستحي من الله أن أُرى
أجرِّرُ حبلي ليس فيه بعيرُ
وأن أسأل المرءَ الدنئَ بعيرهُ
وأجمالُ ربي في البلاد كثيرُ

////

“حكاية في بريد عشاق اليومين ديل”

وإني لأعجبُ من العشاق الكذبة الذين يخدعون (بنات الناس) ويهربون وتكون النتيجة أو بالأحرى الفضيحة لهذه الفتاة الخاطئة الساذجة رضيعٌ وجدته الشرطة أو نهشته الكلاب في (كوشة) قصية أين هذا من هذا العاشق الذي تسور حائط حبيبته وأخفى جرمه تعففاً، حتى كاد أن يُقطع حداً إلى أن أنجاه الشعر الصادق. فعلموا ابناءكم الفضيلة والأدب فما بينهما يُبعد التهمة ويُدني البراءة.
ومن ألطف ما قرأت في هذا الباب كان لعمرو بن دويرة البجلي أخٌ قد كلِف لقريبةٍ له، فتسور عليها الدار ذات ليلةٍ، فأخذه إخوتها وأتوا به خالد بن عبدالله القسري، وجعلوه سارقاً، فسأله خالد، فصدَّقهم ليدفع الفضيحة عن الجارية، فهم خالد بقطعه، فقال عمرو أخوه:
أخالدُ قد والله أُوطئت عشوةً
وما العاشق المظلومُ فينا بسارقِ
أقرَّ بما لم يأته المرءُ إنه
رأى القطعَ خيراً من فضيحةِ عاشقِ
فعفا عنه خالدٌ، وزوجهُ الجارية

* حاشية: أذكرُ أن هذه الحكاية قرأها علينا يوماً الراحل الشاعر مصطفى سند وقال معلقاً بروحه الشفيفة : بالله عليكم صفقوا معي للعاشق والجارية وأهلها والأمير ) وقد فعلنا.
* ومما وجب تصحيحه أن العامة يظنون أن مفردة جارية تطلق على فتيات القصور من الخدم والحشم والراقصات والمغنيات وإن كان هذا بعض المعنى، ولكن في الأعم أن مفردة الجارية تطلق على الفتاة البكر من النساء.

/////

“ويبقى الثأر في رحمِ الأمهات”

ومن أقوال سيدنا أبوبكر الصديق: العداوة تتوارثُ
وكذلك الثارات تورث يا صاحب رسول الله. ومن أعجب ما قرأته في هذا الأمر أن جليلة بنت مُرّة أختُ جساس تحت كليب، فقتل أخوها زوجها وهي حُبلى بهِرجس بن كُليب، فلما كبُر وشبَ قال:
أصاب أبي خالي وما أنا بالذي
أميلُ وأمري بين خالي ووالدي
وأورثَ جسّاس بن مُرّةَ غصّةً
إذا ما اعترتني حرُّها غيرُ بارد

ثم قال بعد ذلك:
يا للرجالِ لقلبٍ ماله آسي
كيف العزاءُ وثأري عند جسّاسِ

ثم حمل على خاله فقتله وقال:
ألم ترني ثأرتُ أبي كُليباً
وقد يُرجى المرشحُ للذُحولِ
غسلتُ العارَ عن جُشم بن بكرٍ
بجساسِ بن مُرّةَ ذي البتولِ

/////

“حديثٌ شريفٌ للسودان والسودانيين”

هذا الحديث الشريف التالي يحتاج له السودان كقطر والسودانيين كشعب، فصراخهم بشرورهم وأسرارهم قد طبق الآفاق، ولأعدائهم عيونٌ واذان، كما أن مواردهم الهائلة على قارعة الطريق تُغري السّراق العالميين ودول الجوار. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( استعينوا على قضاءِ حوائجكم بالكتمان، فإن كلَّ ذي نعمةٍ محسود)
/////

“وصفة من صيدلية السمرقندي”

ويكفي قول الشيخ الصالح أبو الليث السمرقندي ترياقا للجم الحساد واغلاق باب الحسد والعياذ بالله، فقد قال رحمة الله عليه: يصلُ إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود، أولاها: غمٌ لا ينقطع، الثانية: مصيبةٌ لا يُأجرُ عليها، الثالثة: مذمةٌ لا يحمد عليها، الرابعة: سخطُ الرب، الخامسة: يُغلقُ عنه بابُ التوفيق
////

“قولٌ في الشجاعة”

ومن الأقوال التي تُكتبُ بماءِ الذهب المقولة المأثورة: (إن المقاتل من وراء الفارين كالمستغفر من وراءِ الغافلين، ومن أكرمِ الكرمِ الدفاعُ عن الحُرم والأعراض)

///

“هديتنا لوزراء الدفاع العرب”

ومما يحفظ للفرنجة من فضائل تقديرهم للرمزيات واحترام اعدائهم استجلاباً للروح المعنوية والنصر لدى مقاتليهم والتبرير لهزائمهم. ومن غرائب ما قرأت دارت حربٌ بين المسلمين والصليبيين، ثم افترقوا فوجدوا في المعترك قطعة خوذةٍ قدر الثُلثِ بما حوته من الرأسِ، فقالوا: إنه لم يُر قط ضربةٌ أقوى منها، ولم يُسمع بمثلها في جاهليةٍ ولا إسلام، فحملتها الروم وعلقتها في كنيسةٍ لهم، فكانوا إذا عُيّروا بانهزامهم يقولون: لقينا أقواماً هذا ضربُهم، فيرحلُ أبطالُ الروم إليها ليروها.

////

“النصيحة التي غفل عنها التيار الوطني الإسلامي”

(ومن الحزم أن لا يحتقر الرجلُ عدوه وإن كان ذليلاً، ولا يغفلَ عنه وإن كان حقيراً، فكم من برغوثٍ أسهر فيلا، ومنع الرقادَ ملكاً جليلاً)

/////

“استعاذة واجبة الحفظ والتطبيق”

وهذه الاستعاذة التي يجب أن يحفظها كل مسلمٍ ومسلمة راشداً أو غريراً فقد استعاذ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم إني اعوذُ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبنِ البُخل، وأعوذ بك من الدين وقهرِ الرجال)
ومن المعاني تتردد في قلب المسلم عند قراءة هذه الاستعاذة قوله: (اللهم إني أسألك الانشراح والفرح، وأسألك القدرةَ والنشاط، وأسألك الشجاعة والجود، وأسألك الكفاية والقناعة والعزة في وجه الرجال)

///

“حسان والمتنبي والمعري والصافي جعفر”

ومما كان يحكى من أقوال المتنبي: إني أشكُ في تعيير حسان بن ثابت بالجبن، فليس في الدنيا شاعرٌ مجيدٌ وجبان. عزيزي أحمد بن الحسين إن صحت المقولة أو لم تصح فأنا أُثني.
وفي مرافعة قصيرة للأشبيهي في دفاعه عن حسان بن ثابت: لا صحة لما رواه بعضهم عن جُبن حسان بن ثابت، ولو كان ذلك صحيحاً لعاب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فخره بشجاعته، ولكنه كان مقطوع الأكحل (وريد في وسط الذراع) لا يطيق حمل السيف بيُمناه، وقد ذكر هذا في شعره:

أضرَّ بجسمي مرُ الدهورِ : وخان قراع يدي الأكحلُ
وقد كنتُ أشهدُ عين الحروبِ : ويحمرُ في كفي المنصلُ

ومن لطائف الراحل المهندس الداعية الصافي جعفر قوله: أشهدُ أني من محبي شعر المتنبي بيد أن لي عليه عتاب، فقد مدح الرجال ونسي أن يمدح سيد الرجال. ويعني الصافي بقوله هذا أن ديوان المتنبي قد خلى من قصيدة كاملة في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم،
مع أن أبي العلاء مع تمرده قد مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم:
دَعاكمْ، إلى خَيرِ الأمورِ محمّـــــــــدٌ
وليسَ العَوالي في القَنا كالسّــوافلِ

حداكمْ على تَعظيمِ مَن خلقَ الضّحى
وشُهبَ الدُّجَى من طالعـــــــاتٍ وآفِل

وألزمكمْ ما ليـــــــسَ يُعجِــزُ حَملُهُ
أخا الضّعْفِ من فَرـــــْضٍ له ونوافل

وحَثّ على تَطهيرِ جسمٍ ومَلبَسٍ
وعاقَبَ في قَذفِ النّساءِ الفَواضل

وحرّمَ خمراً خِلتُ ألبابَ شَـــــربِها
من الطّيشِ ألبابَ النّعــامِ الجوافل

يجروّنَ ثَوبَ المُلكِ جـــرّ أوانـــــسٍ
لدى البَــدْوِ أذيالَ الغَـواني الرّوافل

فصلّى عليـــــهِ اللَّهُ ما ذرّ شارِقٌ
وما فَتّ مِسكاً ذكرُهُ في المَحافل
/////

“في باب الظلم والظالمين القدامى والجُدد”

ومن الأحاديث القدسية التي تحمل في طياتها صوت النذارة والبشارة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوحى الله تعالى إليّ: يا أخا المرسلين، يا أخا المنذرين، أنذِر قوَمك فلا يدخلوا بيتاً من بيوتي ولأحدٍ من عبادي عند أحدٍ منهم مظلمةٌ، فإني أَلعنُهُ ما دام قائماً يُصلي بين يدي حتى يرُدَ تلك الظُلامة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصرُ به، ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة)

قال تعالى: ( ولا تحسبن اللهَ غافلاً عما يعملُ الظالمون) قيل: هذا تسلية للمظلوم ووعيد للظالم
وقال صلى الله عليه وسلم:( الظلم ثلاثةٌ؛ فظلمٌ لا يُغفر، وظلمٌ لا يُترك، وظلمٌ مغفور لا يُطلب؛ فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله والعياذ بالله تعالو، قال الله تعالى:( إن الله لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشاء)، وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضا، وأما الظلم المغفورُ الذي لا يُطلب فظلمُ العبد نفسه)

ومن المشاهد التي بقيت في الشارع السياسي والذاكرة الشعبية طويلاً حكاية الصالح المصلوب : مر رجلٌ برجلٍ قد صلبه الحجاج فقال: يا رب إن حِلمك على الظالمين قد أضرَّ بالمظلومين، فنام تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت، وكأنه قد دخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا منادٍ ينادي: حلمي على الظالميين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين.