حــســين خــوجلـــي يــكــتب… “ولكن ساسة هذه الأيام يفسدون السرائر ولا يصلحون الأسرة”

كان أستاذنا الراحل الدكتور بابكر دشين تلميذاً للبروفيسور عبدالله الطيب وصديقه من بعد في العلم والأدب ؛ درسنا على يديه بالمدارس الثانوية فكان نعم الأستاذ المربي والأديب الأريب الذي ترك بصمة في قلوبنا وعقولنا لم تغيبها صروف الليالي ولا عاصفة الايام ؛ كان عليه الرحمة يقول لنا ناصحاً في حصة الإنشاء الشفهية (إعلموا يا أبنائي إن الإرتجال لا يقدر عليه إلا الرجال من الذين حفظوا العلم فاستحقوا بها الإفصاح وتعلموا اللغة ، فإن أردتم تصدر القوم أو إعتلاء الرئاسة فتعلموا الإرتجال بدراية وتجريب أو اكتبوا ما تقولون حتى لا تنالكم سقطات القول أو زلات اللسان ) .
ومن مصائبنا الراهنة في السودان أننا أصبنا بأدواء الفقر وزلات اللسان معاً، زلات تكاد أن تفضي إلى فتنة هي أكثر شراً وقسوة من القتل فكثيرٌ من قادة هذه الفترة العجائبية في تاريخنا يهرفون ليل نهار بأمر السياسة والإقتصاد والأمن والإجتماع والفقه بما لا يعرفونه شكلاً ولا مضموناً، مما يجعلنا ننصح بتعيين مرشد ومدقق ومصحح أمام المجلس السيادي ومجلس الوزراء ومجلس الشراكة وحكام الولايات، مصحح يأمرهم جميعاً والسوط في يده أن يكتبوا ما يقولون ويختصروا ما استطاعوا ليكفي شعبنا قوارع الأزمات ؛ فكيف جاز لنا أن نضيف إليهم (قوارع الكفوات) بعد أن فقد الشباب الأمل في الكفاءات وأطبقت عليهم جريمة المحاصصة وطمع الأحزاب العقيمة في نصرٍ لم يصنعوه ومقاعد لم يحلموا بها؟!؛ وقد عرف المجتمع السوداني الكثير من المدققين والمرشدين والمصححين يؤدون هذا الدور المجتمعي بالغ الأثر مجاناً وبلا أجرٍ ولا مكافئة إلا الدعوات الصالحات ؛ ومما يحضرني من هذه اللطائف أن الشيخ العالم الراحل اللغوي محمد رملي والد صديقنا الشاعر الدكتور المغيرة محمد رملي أن رجلاً من العامة مر بالحارة وهو يصيح هاتفاً بصوت ملحاح (بنصلح السراير) فهرول صوبه شيخ رملي قائلاً: (السرائر يا ابني يصلحها خالقها عزوجل ولكن الصحيح أن تقول نحن نصلح الأسرة). والـــمعنــى واضـــح.