حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما (للأذكياء فقط)

“هبة لهبه”

من العبارات التي تمنيت أن تكتب على باب مكتب وزيرة المالية نصيحة لقمان الحكيم لإبنه: (يا بني شيئان اذا أنت حفظتهما لا تبالي بما صنعت بعدهما، دينك لمعادك ودرهمك لمعاشك)

“فقراء العلانية.. أثرياء الخفاء”

كان استاذنا الثائر يمنح حصة التربية الاسلامية الكثير من الحيوية والمضامنين تحيل دقائقها الاربعين إلى منشور معرفي استفدنا منه الكثير كان يقولُ لنا: لا تظوا أن الفقراء المعنيون في هذا الأثر هم من جملة الشحادين والمتبطلين والمتسكعين ولصوص الحاجة. الفقراء المعنيون هنا هم اصحاب الأيادي الخشنة من المنتجين والعاملين من أصحاب المهن والكفاءة الذين ظلمتهم السياسات الاقتصادية الخرقاء وجهل الحكام فتقاصرت رواتبهم عن الايفاء بحاجات أسرهم الصابرة.
وبعدها يقرأ بلغة باهرة ومؤثرة ما جاء في الخبر اذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لملائكته: (أدنوا إليّ أحبائي فتقول الملائكة: ومن أحباؤك يا إله العالمين؟ فيقول: فقراء المؤمنين أحبائي. فيدنونهم منه. فيقول: يا عبادي الصالحين إني ما زويت الدنيا عنكم لهوانكم عليّ، ولكن لكرامتكم، تمتعوا بالنظر إليّ وتمنوا ما شئتم، فيقولون: وعزتك وجلالك لقد أحسنت إلينا بما زويت عنها منها. ولقد أحسنت بما صرفت عنا فيأمر بهم فيكرمون ويجبرون ويزفون إلى أعلى مراتب الجنان)

“النجيمات البعيدة”

ومن الاحاديث المؤثرة والتي احببت لو حفظها كل الناس هذا الحديث الذي يُفصح عن اهل الجنة الذين لا ينتبهوا لهم أهل الدنيا قال صلى الله عليه وسلم: ( إن أهل الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به، الذين إذا استأذنوا على الأمير لا يؤذن لهم وإن خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم، حوائج أحدهم تتلجلج في صدره لو قسم نوره على الناس يوم القيامة لوسعهم)

“تِبرٌ وتراب”

إن الفقر لدى أهل الزهد الحقيقي ثراءً مستتراً ولو أرادوا الدنيا لغمرتهم، لكنهم نأووا عنها شرفاً ورفعة. ومن الحكايات العجيبة في هذا الباب ما رواه خالد بن عبد العزيز عن حيوة بن شريح أمير البكائيين وكان ضيق الحال فقيرا، فقال: جلست إليه ذات يوم وهو جالس وحده يدعو، فقلت له: يرحمك الله لو دعوت الله تعالى ليوسع عليك في معيشتك. قال: فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا، فأخذ حصاة من الأرض وقال اللهم اجعلها ذهباً فإذا هي تبرة في كفه ( دهب شيبون عيار ٢٤ كما يقول اهل السودان)، ما رأيت أحسن منها قال: فرمى بها إليّ. وقال هو أعلم بما يصلح عباده، فقلت: ما أصنع بهذه؟ قال: أنفقها على عيالك: فهبته والله أن أردها إليه ( فمنعتني هيبته أن اردها اليه)

“إن الشعر يسري في الأبناء مسرى الدم”

ومن أجمل ما قرأته ما بين شاعر وإبنته الصغيرة قصة لبيد بن ربيعة حين أعانه الوليد بن عتبة بخمس من الأبل قائلاً: أعينوه على مروءته. وحين وافته الهدية قال لابنته يا بنية إني تركت قول الشعر فأجيبي الأمير عني، فمدحته قائلةً:
إذا هبت رياح بني عقيل : تداعينا لهبتها الوليدا
طويل الباع أبلج عبشمي : أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن رعيا : عليها من بني حام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا : نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم له معاد :وظني في ابن عتبة أن يعودا

فقال لها والدها: لقد احسنت والله يا بنية لولا أنك سألت وقلت عد. فقالت: يا أبت إن الملوك لا يُستحيا منهم في المسألة. فقال: والله لأنتِ في هذا لأشعر مني
كان أستاذنا الراحل الشاعر محمد عبد القادر كرف حين يردد علينا هذه الحكاية يصيح طرباً (البت دي شاطرة)

“قالت الخرطوم: يا جرح دنيايا الذي لا يندمل”

من الأقوال التي تمنيت أن تكتب بماء الذهب وترسلُ إلى الاثرياء البخلاء مقولة هذا الاعرابي الفصيح حين سئل ما السقم الذي لا يبرأ، أو الجرح الذي لا يندمل؟ قال: حاجة الكريم إلى اللئيم
ولو رفعنا المقولة من حضن الأفراد إلى حضن الشعوب لقلنا إنها مثل حاجة الخرطوم إلى واشنطون

“لكن.. بخت ابن أدهم لا يضيع”

كان ابراهيم بن أدهم على جلال قدره يسقي ويرعى ويعمل بالكراء ويحفظ البساتين والمزارع ويحصد بالنهار ويصلي بالليل. وإن كان لنا تعليق يليق بالرجل فهو إن فضيلة ابراهيم بن أدهم في شرف الكدح والعمل تُلغي المثل الشعبي المتداول (سبعة صنايع والبخت ضايع)

“ملصقات”

تُرى من يتبرع بطباعة مقولة الأوزاعي ويعلقها على المخابز وطلمبات البنزين ومحطات خدمة الغاز ومواقف السيارات: (إذا أراد الله بقوم سوءاً أعطاهم الجدل ومنعهم العمل)

“وأخذها عنه العمرابي”

ومن النصائح التي يجب أن نعلمها لأبنائنا أن نمنع عنهم مجالسة العاجزين فقد قال أحد الحكماء : (من سكن إلى عاجز أعداه من عجزه وأمده من جزعه، وعّوده قلة الصبر، وانساه مافي العواقب، وليس للعجز ضد إلا الحزم)
وقد استخدمها الراحل العمرابي في قصيدته الشهيرة :
ما تقول ضعت من اهمالي
أنا عامل الحزم رأسمالي
بس أيامي ما باسمالي
وظروفي القاسية متقاسمالي

“انتبهوا أيها السادة”

عزيزي القارئ انتبه لهؤلاء الثلاثة فقد قال أنس رضي الله عنه: (يتبع الميت ثلاث، يرجع منهم اثنان ويبقى واحد، يتبعه أهله، وماله، وعمله، فيرجع أهله وماله ولا يرجع عمله)

“على النجيلة جلسنا”

ومن لطائف التعريفات التي نهديها للأستاذة ولاء البوشي وزيرة الشباب هذا التعريف، فقد سألوا اعرابي عن من هو العاجز فقال: هو الشاب القليل الحيلة الملازم للأماني المستحيلة.
واضاف ساجع سوداني (وجالس في النجيلة وياكل في البليلة)