حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما …. “بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون”

كان اهلنا الاشراف بالشرفة ونواحيها لهم كلفٌ ودراية لمعرفة أثار الراشدين ويتملكهم شغفٌ خاص بمآثر الطالبيين وكانوا يرون أن علياً كان يتشفع أحيانا للعِتزة النبوية من احفاده وهو في غيبة الموت ومنها:
قال الربيع: لما حبس المهدي الخليفة العباسي موسى بن جعفر رأى في المنام علياً رضي الله تعالى عنه وهو يقول: يا محمد ( فهل عسيتم إن توليتم أن تُفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)
قال الربيع: فأرسل المهدي إليّ ليلاً فراعني ذلك فجئته فاذا هو يقرأ هذه الآية وكان حسن الصوت فقص عليّ الرؤيا
ثم قال: ائتني بموسى بن جعفر فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه
وقال: يا أبا الحسن رأيتُ أمير المؤمنين يقرأ عليّ كذا فعاهدني أن لا تخرج عليّ ولا على أحد من ولدي
فقال: والله ما ذاك من شأني.
فقال: صدقت
ثم قال: يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورُده إلى أهله بالمدينة.
قال الربيع: فأحكمت أمره ليلاً فما أصبح إلا على الطريق

“الفصاحة دريئة من القتل”

كان الحجاج على شدته وفتكه فقيها وأديبا وله صولاة في الخطابة تدرس، ورغم قسوته فقد كانت الفصاحة تُلين عريكته فيعفو ومنها:
أمر يوما باحضار رجل من السجن، فلما حضر أمر بضرب عنقه
فقال: أيها الأمير أخِّرني إلى غد
قال: وأيّ فرج لك في تأخير يوم واحد؟ ثم أمر بردّه إلى السجن، فسمعه الحجاج وهو راجع إلى السجن يقول:
عسى فرجٌ يأتي به اللهُ إنهُ
له كلَّ يومٍ في خليقتهِ أمرُ
فقال الحجاج: والله ما أخذه إلا من كتاب الله، وهو قوله تعالى( كل يوم هو في شأن) وأمر باطلاقه

“أحيانا إبن الكلب ليست بشتيمة”

من الرعاية الالهية لعديمي السند والضعاف حكاية هذا الطفل الذي ترفق به كلب هو دائما مسار الازداء في ادب العامة وقلما نتعطف عليه بمفردة الوفاء
قيل قضى الطاعون على أهل بيت فسد بابه ففضل فيه طفل يرضع لم يشعر به أحد، ففتح الباب بعد شهر فوجدوا الطفل قد عطف الله عليه كلبة ترضعه مع جرو لها فسبحان القادر على كل شئ.

“ريش الخطايا”

جاء رجل إلى سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام وقال: يا نبيّ الله إن جيراناً يسرقون أوزي فلا أعرف السارق؟
فنادى الصلاة جامعة ثم خطبهم وقال في خطبته: وإن أحدكم ليسرق أوز جاره ثم يدخل المسجد والريش على رأسه، فمسح الرجل رأسه
فقال سليمان: خذوه فهو صاحبكم
ان كان لنا تعليق فهو أن حيلة النبي سليمان لن تنفع في زماننا لأن العشرات سيضعون أياديهم على رؤوسهم وليس واحداً

“إغاثة وحلوى ولصوص”

وللذين يريدون ان يعرفوا ما تفعله المنظمات الاجنبية في استلاب الشعوب وسرقة ثرواتهم عليه بهذه الحادثة
والأمير هو وكيل القطبية والأكراد هم العالم الثالث والتجار هم الفرع المحلي للمنظمات والحلوى هي الاغاثات المنتهية الصلاحية
بلغ أحد الأمراء أن قوما من الأكراد يقطعون الطريق اضطرارا، ويقيمون في جبال شاهقة ولا يُقدر عليهم.
فاستدعى بعض التجار، ودفع إليه بغلاً عليه صندوقان فيهما حلوى مسمومة كثيرة الطيب في ظروف فاخرة، ودنانير وافرة، وأمره أن يسير مع القافلة ويظهر أن هذه الهدية لأحد نساء الأمراء. ففعل التاجر ذلك وسار أمام القافلة فنزل القوم فأخذوا الأمتعة والأموال وانفرد أحدهم بالبغل، وصعد به الجبل فوجد به الحلوى، فقبح على نفسه أن ينفرد بها دون أصحابه فاستدعاهم فأكلوا على مجاعة فماتوا على آخرهم، وأخذ أرباب الأموال أموالهم

“إياس قاضي الناس”

إلى مولانا كبير القضاة بالمصر السوداني تُرى كم بقي عندك مثل إياس هذا قبل مجزرة القضاة وبعدها؟ ومن حكايات إياس القاضي الحكيم انه قصد رجل الحج فاستودع انسانا مالا فلما عاد طلبه منه فجحده المستودع فأخبر بذلك القاضي إياسا.
فقال: أعلِمَ بأنك جئتني؟
قال: لا
قال: فعُد إليّ بعد يومين
ثم إن القاضي إياساً بعث إلى ذلك الرجل فأحضروه، ثم قال له: اعلَم أنه قد تحصلت عندي أموالا كثيرة لأيتام وغيرهم وودائع للناس وإني مسافر سفراً بعيداً، وأريد أن أودعها عندك لما بلغني من دينك وتحصين منزلك.
فقال: حباً وكرامة
قال: فاذهب وهيئ موضعاً للمال وقوماً يحملونه.
فذهب الرجل وجاء صاحب الوديعة.
فقال له القاضي إياس: امضِ إلى صاحبك وقل له ادفع إلي مالي وإلا شكوتك للقاضي إياس.
فلما جاء وقال له ذلك: دفع اليه واعتذر إليه فأخذه وأتى إلى القاضي إياس وأخبره.
ثم بعد ذلك أتى الرجل ومعه الحمالون لطلب الأموال التي ذكرها له القاضي
فقال له القاضي بعد أن أخذ الرجل ماله منه: بدا لي ترك السفر، امضِ لشأنك لا أكثر الله في الناس مثلك

“عولمة”

رغم أنه مجوسي إلا أن ثقافته في الاختيار أممية فقد روي بأن نوح بن مريم قاضي مرو أراد أن يزوج ابنته فاستشار جاراً له مجوسياً
فقال: سبحان الله الناس يستفتونك وأنت تستفتيني؟
قال: لا بد أن تشير علي
قال: إن رئيسنا كسرى كان يختار المال، ورئيس القوم قيصر كان يختار الجمال، والعرب كانت تختار الحسب والنسب، ورئيسكم محمد كان يختار الدين، فانظر أنت بأيهم تقتدي

“بستفتو”

في كثير من الاحيان ما ترتبط الحكمة بالعراقة والشرف والأصول الباذخة ومن الحكايات التي شدتني وتؤكد ذلك طلب المغيرة ورفض هند.
قيل أن المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة سار إلى دير هند بنت النعمان وهي فيه عمياء مترهبه فاستأذن عليها
فقالت: من أنت؟
قال: المغيرة بن شعبة الثقفي.
قالت: وما حاجتك؟
قال: جئت خاطباً
قالت: إنك لم تكن جئتني لجمال ولا مال، ولكنك أردت أن تتشرف في محافل العرب فتقول تزوجت بنت النعمان بن المنذر، وإلا فأي خير في اجتماع عمياء وأعور

“مثيرون للجدل”

في تراث الأدب العربي وتوثيق المسلمين الكثير من الآثار والأقوال حول سيرة سيدنا عيسى عليه السلام، ولكن أصدقها وأنصعها مما أثر حتى في النصارى سيرته في القرآن الكريم.
ومما ورد في التراث عن سيرته مقابلته لإبليس وهو يسوق أربعة أحمرة عليها أحمال فسأله سيدنا عيسى عليه السلام فقال: أحمل تجارة وأطلب مشترين، فقال: ما أحدها؟
قال: الجور
قال: ومن يشتريه؟
قال: السلاطين
قال: فما الثاني؟
قال: الحسد
قال: فمن يشتريه؟
قال: العلماء
قال: فما الثالث؟
قال: الخيانة؟
قال: فمن يشتريها؟
قال: التجار
قال: فما الرابع؟
قال: الكيد
قال: فمن يشتريه؟
قال: النساء

“لطف الحبيب”

وكان صلى الله عليه وسلم رغم وعثاء الدعوة وصروف مقاساة اليهود والاعداء والمشركين إلا أنه كان يجد وقتاً لملاطفة وممازحة اصحابه ومنها:
** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الانصار: الحقي زوجك ففي عينيه بياض. فسعت إلى زوجها مرعوبة فقال لها: ما دهاك؟
قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي إن في عينيك بياضا.
فقال: نعم والله وسواداً

** وأتته أيضاً عجوز أنصارية فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة
فقال لها: يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز
فولت المرأة تبكي، فتبسم صلى الله عليه وسلم
وقال لها: أما قرأت قوله تعالى ( إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكارا عُربا أترابا)