حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما (ليس بالخبز وحده يحيا السودانيون)

“أغلى الشعر اكذبه”

مثلما كان بشار بن البرد الأعمى بصيرا بالشعر كان بصيرا في الاجابة ومما يستدل به في هذا الباب انه مدح يوما الخليفة المهدي فلم يعطه شيئا فقيل له لم يستجد شعرك (أي لم يعتبره جيداً) فقال: (والله لقد قلت شعرا لو قيل في الدهر لم يُخشى صروفه على أحد، ولكنا نكذِب في القول فنُكذَّب في الأمل)

“أركان النقاش قديماً”

من غرائب أركان النقاش في المذاهب محاورة ابو الحسين الناشئ المعتزلي الذي حاور أحد الاشاعرة فصفعه عند المناظرة.
فقال الأشعري: ما هذا يا ابا الحسين؟
فقال الناشئ: هذا فعل الله بك فلماذا تغضب مني؟ فقال الاشعري: ما فعله غيرك وهذا سوء أدب وخارج عن المناظرة.
فقال: ناقضت. ان اقمت على مذهبك ( الاشاعرة يقولون ان افعال الناس من خلق الله ولا تجري بارادتهم) هو من فعل الله، وان انتقلت فخذ العوض ( يعني صفعة بصفعة)

“مثاقفه”

واحدة من اشكالات العقل العربي المعاصر أنه يهتم بمن القائل ولا يهتم بأصل القول، وفي شخصنة القضايا ضاعت الحكمة وضاعت الحقيقة. ليتنا تأدبنا بقول الامام علي فقد قال كرم الله وجهه: (العلم ضالة المؤمن. فخذوه ولو من ايدي المشركين ولا يأنف احدكم أن يأخذ الحكمة ممن سمعها منه)

“ما بين الموصلي ووردي وشيجة”

كان أهل الغناء ببلادنا يقولون لوردي إنك ينبوع من الالحان فلماذا لا تكمل تجربتك إلى الف لحن فكان يرد ضاحكاً: اني في هذا اتمثل قول اسحق الموصلي حينما سئل: كم يكون غناؤك؟
فقال: نحوا من اربعمائة صوت (لحن)
فقيل له: مالك لا تكثر كما يكثر الناس؟
قال: لأني إنما انقر في صخرة
فهل ادركتم سادتي لماذا بقيت الحان وردي وماتت الاخريات؟

“عقار وعرق”

من المقارنات الشفيفة بين جهد الوعي ورهق الغيبوبة ما اختصره جالينوس في العبارة الموحية التالية فقد سئل يوما : بم كنت اعلم قرنائك بالطب؟
قال: لأني انفقت في زيت المصباح لدرس الكتب مثلما انفقوا في شرب الخرب

“تلبيس ابليس”

ومما كنا نتندر به في دراسة الفلسفة الاسلامية في باب التصوف شطحة عبد الكريم الجيلي في دفاعه عن ابليس حين التبس عليه الأمر، قال الجيلي في كتاب الانسان الكامل وهو المرجع الذي نقل عنه محمود محمد طه اغلب ترهاته وزندقته:
(ابليس من الالتباس اذ التبس عليه الأمر فظن أنه لو سجد لآدم لكان عابدا لغير الله. جوابه: انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين يدل على انه اعلم الخلق باداب الحضرة واعرفهم بالسؤال وما يقتضيه من الجواب اأن الحق لم يسأله عن سبب المانع، ولكن سأله عن ماهية المانع فتكلم عن الأمر).

“سكر الجنيد..!!”

من رقائق الاجابات في صحوة المغادرة أن شهود لحظة احتضار الجنيد قالوا له: قل لا اله الا الله فقال مبتسماً: ما نسيته فاذكره

“عتاب الملاماتية”

هذه الحكاية عندما يرويها استاذنا وشيخنا عبدالله الشيخ البشير الشاعر المحقق كان يصيح دامعا الله اكبر الله اكبر ويسردها في جلال:
رأى ايوب السختياني جنازة عاصي فدخل الدهليز كيلا يصلي عليها. فرأى بعض الناس صاحب الجنازة في المنام فسأله: ماذا فعل الله بك؟
قال: غفر لي وأردف: قل لأيوب: لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربي لامسكتم من خشية الانفاق

“منطق ونحو وسياسة”

النحو العربي من غير استخدامه في قواعد ضبط اللغة استخدمه بعض الثقاة مدخلا للمنطق وقد استفاد منه بعض الادباء والكتاب والصحفيين في اظهار افكارهم عبر استخدام ادواته الشهيرة عند العامة ومن ابداعات الكتابة حول النحو هذا النص:
(عندما تكون الأخلاق فعل ماضي، والعنف فعل أمر، والحرب فعل مضارع، والسياسيون فاعل، والشعب مفعول به، والمال مفعول لأجله، والفساد صفة، والرواتب ممنوعة من الصرف، والضمير غائب، والمصلحة مُبتدأ، والوطنية خبر، والصدق منفى، والكذب توكيد،وقلة الأدب تمييز، والإنتهازية مفعول مطلق، والوظيفة أداة نصب، والموظف حرف جر، والخزينة إسم مجرور.
عندها يصبح الفقر حال، والأوجاع ظرف، والحياة جامدة، والسرور مُستثنى فلا عجب في أن يكون المستقبل مبني للمجهول، ولا محل لنا من الإعراب..)

“جمال حسن سعيد في ورطة”

إني اقترح على الكوميدي المطبوع جمال حسن سعيد أن يحكي هذه النكتة بالفصيح على مشاهديه وافادتنا بردود الافعال.
قرأ الفرزدق قصيدة له على الكميت بن زيد حين كان الأخير صبيا، فرآه الفرزدق أُعجب بها، فسأله الفرزدق: هل اعجبتك يا بني؟
الكميت: نعم يا عماه
الفرزدق: هل يسرك أن اكون اباك؟
الكميت: أما أبي فلا أريد به بدلا، ولكن يسرني أن تكون أمي!
وكان الفرزدق يقول: ما مر بي مثلها