حسين خوجلي يكتب: كلمات قبل رمي الجمرات

هل تذكرون المبالغ التي كان يعدنا بها القحاطة أيام البشير ١٠٠ مليار يورو استثمارات اوروبية
٦٤ مليار دولار لعوض الجاز
١٠٠ مليار دولار لاخوان البشير
٧٠ مليار دولار لوداد بابكر
٥٥ مليار دولار لعلي كرتي
٥٨ مليار دولار الحركة الاسلامية والقائمة تطول، مبالغ قارونية صدقها في زمان الغيبوبة الكثير من الحالمين، بل صدقها حتى الكذبة الذين أطلقوها والذين روجوا لها كأنما السودان هو الولايات المتحدة الامريكية.
إن أفضل ما خرج به مؤتمر برلين لأصدقاء السودان من مخرجات هو هذا المليار الوحيد، مجموعة التبرعات الكونية بالقارات الثلاثة.
إن من كرامات هذا المؤتمر أنه جعل القحاطة أكثر تواضعا وأعاد أخيراً للأرقام (وقارها)

(٢)
اشتهر بين السودانيين بيت شاعر المؤتمر:
الكل يحتل في السودان غير مكانه
فالمال عند بخيله والسيف عند جبانه
وقد بقي لنا ٢٤ ساعة لنغير المعنى والمبنى السالب لهذا البيت ليصبح:
الكل في السودان يحتل كل مقامه
فالرأي عند حكيمه والمال عند كريمه
والسيف عند شجاعه
نعم ٢٤ ساعة لتتنزل هذه المعاني الجديدة على الأرض وتصبح لها سيقان وإلا فليبحث الجميع عن سودان آخر غير هذا الذي نعرفه.

(٣)
إن كل صباح جديد يطل علينا وهذه الحكومة اليائسه البائسة تسيطر على مقاليد الأمر في بلادنا يجعل الانقاذ أكثر بريقاً في أعين قادحيها ومادحيها.

(٤)
ظللت لأيام اتابع ليل نهار لأراء المعبرين عن موكب ال٣٠ من يونيو فكان الرصد كالتالي:
1. التظاهرة الأكبر هي لجموع السودانيين الذين أعياهم الفقر وقلة الحيلة وهؤلاء يتظاهرون لاقتلاع كل هذه الشجرة الخبيثة التي تسمم بجذورها وثمارها الحقل السياسي.
2. التظاهرة الثانية هي قلة عدمية تتظاهر لصالح هذه الحكومة العاجزة حتى تحتفظ بوزرائها ومنسوبيها في الخدمة العامة، وحتى تضمن انسياب امتيازاتها التي نالتها بالخديعة، فكانت منحة حرام من الذي لا يملك للذي لا يستحق.
3. أما الثالثة فهي لفئة أخرى تتظاهر لأنها تحلم باستلاب مغانم فاتتها عند تقسيم التركة.
4. أما التظاهرة الرابعة فهي لمجاميع من الغاضبين بلا حدود، انسد أمامهم الأفق خرجوا وهم لا يعلمون ماذا يقولون وماذا يفعلون؟
5. وتظاهرة حلفاء أهل البصيرة وهؤلاء خرجوا ليناصحوا الجميع تحت شعار (اسرجنا خيولنا للدفاع عن سهولنا وعقولنا ورسولنا)
6. ومتظاهرون من الظلمة جمع بينهم الحقد والدم والبندقية والمخابرات والطمع في بلاد ثرية ملقاة على قارعة الطريق، يهتفون بهتاف الجماهير وينشدون شعاراتها زيفاً وخناجرهم تتسلل خفية صوب قلب الوطن الجريح.

المشهد يقول بأن هنالك حزمة من المظاهرات لا واحدة وحزمة من اللافتات وحزمة من الممولين والمرابين في مكان واحد.
وازاء هذه التناقضات يرجو أهل السودان من كل قلوبهم اللا تتحول الهتافات إلى ملاسنات ومن ثم إلى اشتباكات ثم إلى صراعات ثم إلى فتنة لا تُبقي ولا تذر، خاصة وأن أهل الحقائق والرقائق قد رصدوا ٣ من الأبالسه اختار أحدهم بحري والثاني أمدرمان والثالث الخرطوم عموم، جلسوا في مقاهي قصية يحتسون الحرام المستتر ويوقدون نار الفتنة وينفثون دخان (شيشة) الكراهية ويرسلون عبر الهواتف الذكية فحيح كلمة السر وهم يقهقهون يال السعادة (لقد بدأت حرب الفقراء)

(٥)
في قلب السوق العربي قالها أحد الدراويش ومضى: (إن الخلاص في شعب راسخ ساسو، وفي شباب رافع راسو، وفي جيش حازم قاشو)
والتزاما بحكمة الدرويش فليفعل الشعب أقصى ما يستطيعه من الحريات المنتجة وليكسر الشباب قيد التوزيع الى رحاب التصنيع، ويتسامى عن التخريب إلى التدريب، ويهب من الخمول إلى الحقول، ويسمق من الهتاف إلى القطاف.

ولتكن رسالة الجيش المجيدة -بكل ثقة الشعب السوداني فيه- حراسة الحدود حتى تسود، وإجلاء المتمردين وقطع دابر المتفلتين حتى يعرف المتنطعون قيمة السلام، ويفرض الهيبة قبل القوة حتى تسير القافلة من أقصى الجنينة إلى أدنى محمد قول لا يقطع أمانها إلا عاصف الرياح وغدير المطر .

وليراقبوا بذكاء القادة والمقاتلين الحرب الخفية للطابور الخامس، والعاطلين من الساسة أصحاب الزمم المعروضة على أزقة العواصم بالعزم والحسم، فإن تابوا وآبوا وثابوا فأمامهم برنامج الشرعية ومقتضيات المرحلة:
مجلس عسكري انتقالي بكامل السيادة، وحكومة تكنوقراط من الكفاءات المدنية والشباب لتقود المرحلة الانتقالية بكامل الصلاحيات، وعام واحد لتستعد الأحزاب عبر رؤاها للانتخابات الحرة والشفيفة والمراقبة دولياً.

فاذا ارتضى بعدها الشعب من يحكمه فإن الصبر يصبح واجبا وتصبح نار الحريات ونورها قسمة عادلة على الجميع.
وبمثل هذه البساطة والنقاء الثوري والمباشرة يجب أن يخضع اعناق الجميع بالواقعية والعقلانية والديمقراطية وإلا فإن هتاف الملايين (الكاب الكاب ولا الأحزاب) سيصبح رغم تحفظاتنا فرض عين.