حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما

مادة جديدة في قانون العمل”

هنالك بعض النقائص التي يجب أن نحيلها من باب الأخلاق العامة إلى قوانين الانتاج والعمل والوظيفة. وأكثر ما ابتلينا به في ثقافتنا هو أن تراثنا الاخلاقي ظل فقط للمواعظ وليس للتطبيق.
فما رأيكم في مقولة سيدنا علي هذه حتى نعلقها في برواز أنيق في مدخل كل وزارة ومصنع ومؤسسة وجامعة حيث يقول كرم الله وجهه:
للمرائي أربع علامات:
يكسل اذا كان وحده
وينشط اذا كان مع الناس
ويزيد في العمل اذا اثني عليه
وينقص اذا ذم به

“ماذا فعلت بت البوشي في وصية الفاروق؟”

كان صاحبنا الباحث في التراث الشعبي يسخر من أهل الشريط النيلي ويقول لي: (ما أكثر غنائهم وحدائهم في الفروسية على شاكلة الخيل جقلبت، شدو لي الأغر ،خيلن بجن عركوس وغيرها كثير، غير أنه لم يرْ في كل هذه القرى رجلاً يربي حصانا أو يحوز خيلا في ثروته.
وفي كل إجازة صيفية تفجع عشرات المدن والقرى بغرق ابنائها لأنهم للأسف لا يجيدون السباحة مع أن وصية الفاروق تقرعهم وتدفعهم ليلا ونهارا
(علموا أولادكم السباحة والفروسية والرمي)

“مخاطر البوبار”

من أسباب كراهية الضيوف وهو من لؤم الطبع وقلة المروءة أنتا نتزيد بالمشقات لاكرامهم حتى نستجلب مدح الناس، ولكننا في ذات الوقت وبالخسارة الفادحة نضطر لكراهيتهم فلا مالٌ نُبقي ولا أجرٌ نكسب والعياذ بالله، ولذا يتوجب على المؤمن أن يفيض على ضيفه بما يستطيع وقد جاء في المأثور:
(لا تتكلفوا للضيف فتبغضوه)

“شفاكم الله من الحمق والحمقى”

من النصائح الشكلية في البشر ألا يكثروا من التلفت فإنها من صفات الأحمق وهي ثلاث كما وردت في امالي المرتضى: (قالوا ثلاث يعرفن في الأحمق:
سرعة الجواب – كثرة الالتفات – الثقة بكل أحد)
ومن الاشارات البليغة التي أشار لها الشريف الرضي تلفت القلب لا تلفت الأعناق

“اقتراحات غير ملزمة”

ومن لطائف الأقوال التي لا تُلزم أحداً وليست قانوناً للتقيد ما أورده الماوردي وإنما هي من الثقافة العامة ودعوات التأمل قوله:
(ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع وإلا استحقرته بالسن والطول والمال والحسب. وأن تكون فوقه بأربع بالجمال والادب والورع والخلق)
ومن معابثات السودانيين أنه حين يقع رجل وسيم قسيم في نصيب امرأةٍ عاطله من الجمال والبهاء يسمون هذه الحالة “حظ الشينة”

“تراثنا .. لا سيداو”

ومن أحسن ما سمعته في الواقعية ومعاقرة الدين والدنيا بلطف، حكاية المرأة التي شكت ببلاغة وحياء لم يدركها الفاروق على ورعه وذكائه إلا بعد التنبيه:
(قيل إن امرأة جاءت اليه فقالت:
يا أمير المؤمنين زوجي خير الناس يقوم الليل ويصوم النهار
فقال رجل في المجلس معقباً:
ما سمعت شكوى امرُ من هذه
فقال عمر: ما تقول؟
قال: تقول إنه ليس لها من زوجها نصيب
فأرسل عمر إلى زوجها وأمره بتخفيف العبادة واعطاء زوجته نصيبا من وقته)

” اعادة الاعتبار للسهروردي القتيل”

بغض النظر عن التقييم الغليظ في معتقد السهروردي وبغض النظر عن نهايته المأساوية إلا أننا في دراسة الفلسفة كنا نستمتع جدا بأدبياته وعباراته النفيسة في التعبير وتحسسه العبقري في أثار المفردات والمعاني وما زلنا نحتفظ في كراساتنا بطلاسمه الآسرة ومنها:
( الفكر في صورة قدسية يتلطف بطالب الاريحية. ونواحي القدس لا يطأها القوم الجاهلون، وحرام على الاجساد المظلمة أن تلج ملكوت السماوات. فوحّد الله وأنت بتعظيمه ملآن واذكره وأنت من ملابس الأكوان عريان.
فخفيت حتى قلت لست بظاهر
وظهرت من سعتي على الاكوان
اللهم خلص لطيفي من هذا العالم الكثيف…)

“رثاء العارفين”

من المراثي التي حازت بعض الخلود والكثير من الاحتفاء رثاء السماك لداوود الطائي حيث قال في حقه مرتجلا:
( أن داود رحمه الله نظر بقلبه إلى ما بين يديه من آخرته فأعشى بصر القلب بصر العين، فكأنه لا ينظر إلى ما اليه تنظرون وكأنكم لا تنظرون إلى ما اليه ينظر.
يا داود! ما أعجب شأنك بين أهل زمانك. كان سيماك في سرك ولم يكن سيماك في علانيتك.
تفقهت في دينك وتركت الناس يُفتون، وسمعت الحديث وتركتهم يحدثون، وخرست عن القول وتركتهم ينطقون. لا تقبل من السلطان عطية ولا من الاخوان هدية
فما أحقر ما تركت إلى جانب ما أمّلت!)

” الشحدة خشم بيوت”

مما استوقفني في المعاني الخفية لحكايات السادة الزهاد السائل (الشحاد) الذي (سأل) الجنيد البغدادي فرد عليه:
يا هذا (الصناعة) واحدة ولكننا أظرف. فانصرف اغناك الله!

“هل استفاد ذو النون السوداني من ذو النون المصري؟”

في إحدى جلساتنا الشائقة بالجامعة كنا نخصص إحداها لحكايات أصحاب الوجد والزهد والتصوف خاصة التي تتعلق بالحذاق من أهل الأقوال والأفعال الثنية.
وكان لنا ولع خاص بالمجانين العقلاء والسادة الملاماتيه أو من يطلق عليهم البعض باتباع الخضر المعاصرين.
ومن الحكايات التي ما زالت في الذاكرة سؤال سعدون المجنون لذي النون المصري المتصوف الفقيه:
( يا ذا النون متى يكون القلب أميرا بعد ان كان أسيرا؟
فقال ذو النون: اذا اطلع الخبير على الضمير فلم ير في الضمير الا الخبير
فصعق سعدون، وأنشد:
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكي
ولا بد من شكوى اذا لم يكن صبر
يا أبا الفيض! إن في القلوب قلوباً تستغفر قبل أن تذنب
قال: نعم تلك قلوب تثاب قبل أن تطيع)

“استقيل يا سغيل”

إن أقوى برقية يرسلها هذا الشعب الذي تكاثرت عليه الأدواء والبلاء والغلاء في بريد ادارة القحاطة الآيلة للسقوط هي ذات البرقية التي بعث بها خليفة إلى عامل (والي) أو (وزير):
(كثر شاكوك
وقل شاكروك
فإما اعتدلت وإما اعتزلت)
ورد الظريف على البرقية معلقاً: (الاعتزال يا أمير المؤمنين حيث لم يبقى للاعتدال زمان)ه