حسين خوجلي يكتب: غرب السودان ضد غرب أوروبا … وأشياء للذكرى

“إني أقترح”

من كرائم الواقع الراهن وعبقرية الجغرافيا السياسية الماثلة ان الله قيض لأهل غرب السودان أن يتسنموا الكثير من الوقائع التي يستحقونها بالكفاءة والتمثيل والأمر الواقع ولعل المتأمل يلحظ أن أشهر نجوم المجلس السيادي هم: الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، والفريق شمس الدين الكباشي، والدكتور صديق تاور، والسيد محمد الحسن التعايشي، والدكتورة عائشة موسى السعيد.
ويترأس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله آدم حمدوك من قلب كردفان الغرا ومعه من النجوم والوزارات السيادية: دكتور ابراهيم البدوي بالمالية، والدكتور نصر الدين عبد الباري بالعدل، والدكتور عمر قمر الدين بالخارجية، والسيد نصر الدين مفرح بالشئون الدينية والأوقاف، والدكتور عمر مانيس بمجلس الوزراء. وهنالك عدد مقدر في مفاصل الدولة المدنية والعسكرية والخدمة العامة، ولهم قيادات حاكمة في الحرية والتغيير وسلطان التفكيك القابض.
كما أن مفاصل حزب الأمة يسيطر عليه أبناء غرب السودان وليس سراً بأن المؤتمر الشعبي يقوده الآن الدكتور علي الحاج والشيخ ابراهيم السنوسي والدكتور بشير ادم رحمة، كما لا يخفى على أحد أن هنالك الكثير من القيادات المسيطرة بالشرعية والتمثيل على المؤتمر الوطني واحزاب اليسار .
فاذا أضفنا إلى هؤلاء الكرام القيادات ذات المناصب المطلقة سياسيا وعسكريا في الحركات المسلحة دكتور جبريل، ومني اركوي مناوي، وعبد الواحد محمد نور، وعبد العزيز الحلو فإننا نكتشف أن نواة القرار السياسي في السودان يسيطر عليه أبناء اقليم غرب السودان الكبير.
ولذا فإني اقترح اغتنام هذه الفرصة -التي قد لا تتكرر قريبا من حيث الزمان والمكان- بأن يعقد هؤلاء بجانب الحكماء وأمراء القبائل مؤتمرا جامعاً وعاجلاً لاتفاقية سلام السودان بالفاشر أبو زكريا لتقديم حلول عاجلة.
فلعل هذا المسعى الشريف يوقف ولائيا شلالات الدم والتعدي والاقتتال وينهي الخصومات المفتعلة ويكسر سطوة مجتمع الكراهية الذي تشعل أوار ناره القوى الشريرة من خارج الحدود، تلك التي تطمع في ثرواتنا على ظاهر الأرض وباطنها ولن يتحقق حلمها الشرير إلا اذا ابقتنا متناحرين في اتون هذه الحرب العقيمة.
أما قومياً فإننا نحلم آملين بأن يقدموا وصفة سحرية لمعضلات الحكم والسلطة والثروة والدستور وعلاقة الدين بالدولة وعلاقة الولايات بالمركز.
ونحن نثق بالكامل في ذمتهم الدينية والوطنية وبانتمائهم المطلق للوحدة والعدالة ونؤكد بأننا سوف نبصم (بالعشرة) على كل ما يصلون اليه من اتفاق لصالح غرب السودان ولصالح السودان الكبير بل لصالح أفريقيا والعالم العربي وكل معسكر الخير والسلام بالعالم.
وسوف أضمن لهم ومع الكثير من رموز الوسط وعقلائه موافقة الشمال النيلي ومثلث حمدي المزعوم والوسط وشرق السودان وبقية السودان الذي يملكون نصفه أرضا وسكانا وتأثيرا بحق المدنية والمواطنة (وشهادة البحث).
وإنه لعمري اقتراح غريب عن الخيال المعتاد، ولكنه قريبٌ اذا أحسنا الاعتقاد والاصطياد، فمن يدري فلعل فريق غرب السودان ينتصر على فريق غرب أوروبا في نهائي كأس الأمم، خاصة وأن طلائع البعثة الأممية على الأبواب. فما رأيكم دام فضلكم؟

“برنامج عمل”

للإمام علي كرم الله وجهه مقولة تفضح مظهرية الانجازات يقول:
لا خير في القول إلا مع العمل
ولا في المنظر إلا مع المخبر
ولا في الحياة إلا مع الصحة
ولا في الوطن إلا مع الأمن والمسرة

فبالله عليكم ما فائدة الاعلام بلا صدقية والتزام، وما فائدة العمران وتطاول البنيان بلا صحة بيئة، وما فائدة المستشفيات وتلال الأسمنت مع انهيار الخدمات الصحية، وما جدوى الوطن الأرض والحروب تفتك بالشعب بالأطراف والجريمة تغتاله في الحضر وتنعدم الكفاية والرفاهية؟

“روشتة”

يقول عمرو بن عبيد: (لقد رضت نفسي رياضة لو اردتها على ترك الماء لتركته) وبالاقتداء السلبي يمكن لحكومة المرحلة الانتقالية أن تقول: ( لقد رضت نفسي على المذلة رياضة، لو جعلت الهيئة الدولية على رأسها كتشنر لبايعناه خليفة )

“خطة بلا تكاليف”

النظريات العسكرية قديمة ومباشرة ولا تحتاج لمعاهد عسكرية ولا صرف بذخي تذكرت ما ورد في نهج البلاغة عن رد العدوان وتعدي عصابة الشفتة الأثيوبية على حدودنا الشرقية: ( ردوا الحجر من حيث جاء فإن الشر لا يدفعه إلا الشر)

“العمق العاشر”

ليس هنالك انسان أو أرض من الدرجة الثانية فكل الناس أبناء آدم وكل الأرض أرض الله والمغالاة في التقديس تُخرج المفهوم من دائرة الرمزية إلى دائرة القداسة الشكلانية.
وقد استوقفتني رسالة أبو الدرداء لسلمان الفارسي من الشام: (اقدم يا أخي إلى بيت المقدس فلعلك تموت فيه)
فكتب اليه سلمان:
(إن الأرض لا تُقدس أحداً وإنما يُقدسُ كل انسان عمله)

“وخزة”

هنالك آلاف من الشباب الذين تجمعهم عضوية السهر حتى الصباح مع الهواتف، والنوم آخر النهار مع البطالة. ومثل هذه الجمعية تحتاج لقوارع من الفعل والقول ومنها قول حكيم:
لا خير في كل فتى نؤوم : لا يعتريه طارق الهموم

“تحذير”

قال لي أحد الأصدقاء من خريجي القانون إنني بعد أن اكملت كل الاجراءات لأصبح قاضيا سحبت أوراقي في آخر لحظة، والسبب في ذلك القاضي العادل الفقيه شريك بن عبدالله فقد روي عنه: أنه ذهب يوما لاستلام راتبه من الصيرفي (الصراف) فضايقه في النقد فقال له الصيرفي غاضباً:
إنك لم تبع به بزا ( الثوب الغالي من الحرير)
فرد عليه شريك:
بل والله بعت أكثر من البز. بعت به ديني!

“الطريقة المالكية”

إن فكرت أن تؤسس طريقة صوفية صادقة فهي أصعب بكثير من أن تؤسس حزباً حاكماً أو انقلاباً ناجحاً. فقط عليك أن تجعل شعارها (الصوفي الحقيقي هو الذي لا يملك شيئاً ولا يملكه شئ)

“في أدب المواصفات والمقاييس”

لم أسمع مدحاً لامرأة عظيمة في مدح رجل عظيم أبلغ من مدح عائشة أم المؤمنين للفاروق، مع أن المقولة كانت عرضا في الاقتداء والاستدلال يقال في الأثر: أن الحميراء رأت رجلاً متماوتاً (قاتل ضله)؟
فسألت: ما هذا؟
قالوا: زاهد
فقالت: قد كان عمر بن الخطاب زاهداً، وكان اذا قال أسمع، واذا مشى أسرع، واذا ضرب أوجع.

“أرزاق”

قال لي احدهم ممازحا: ما قولك في قصة الواعظ الذي دخل على الأمير فلما خرج عنه أرسل اليه مبلغاً من المال بلغة الصحفيين (ظرف) فقبضه الواعظ فعلق الأمير مبتسماً:
“كلنا صياد لكن الشباك تختلف”

والقصة الأخرى لأبو حازم الاعرج الفقية العالم الذي نصح سليمان بن عبد الملك ونهاه عن الظلم. فلما خرج أرسل إليه مبلغاً من المال فرد اليه قائلاً: والله يا أمير المؤمنين لا أرضاه لك فكيف أرضاه لنفسي؟
قلت للصحفي مجيباً: الأول والثاني على حق حيث ينفق كل واحدٍ من (سعته) فالأول صاحب استشارة والثاني صاحب نصيحة.

حسين خوجلي