في الذكري ٤٧ للمسيرة الخضراء: السودانيون كانوا في المقدمة والخرطوم عانقت الرباط

في الذكري ٤٧ للمسيرة الخضراء: السودانيون كانوا في المقدمة والخرطوم عانقت الرباط.

بقلم: دكتور مصطفى مبارك
بحلول شهر نوفمبر وتحديد اليوم السادس منه تحل علينا ذكرى المسيرة الخضراء التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي لتحرير جزء عزيز من أرض المملكة المغربية.
والمَسِيرَةُ الخَضْرَاءُ مسيرة سلمية انطلقت يوم الخميس (6 نوفمبر 1975) للسيطرة على الصحراء الغربية وإنهاء الاستعمار الإسباني بها. شارك فيها 350 ألفاً كأكبر المسيرات في التاريخ. وتعتبر حدثا تاريخيا مهما في تاريخ المغرب المعاصر.
وهنا نريد أن نتحدث عن مشاركة السودانيين وإسنادهم لإخوانهم في المملكة المغربية واستجابتهم لنداء المغرب؛ مما يوضح عمقاً وعظمت العلاقة بين الشعبين الشقيقين.
فمع إعلان المسيرة الخضراء من قبل المغرب تم مباشرة فتح مكاتب للتطوع في المسيرة الخضراء بالسودان.
في العاصمة الخرطوم والأقاليم، وانطلقت مكاتب لتسجيل المتطوعين السودانيين الراغبين في المشاركة في المسيرة الخضراء، وقد فتحت في كل أقاليم السودان، وتدافع وقتها السودانين في حب كامل المشاركة فكانت تظاهرة حب للمغرب، وتجدر الإشارة إلى أن صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني استقبل في مراكش سفير السودان في المغرب وقتها رشيد نور الدين الذي سلم جلالة الملك رسالة شخصية من الرئيس الأسبق جعفر النميري، يؤكد فيها تضامن السودان المطلق مع المغرب ووقوف الشعب السوداني كله إلى جانب المغرب في مسيرته السلمية الخضراء الهادفة إلى استكمال الوحدة الترابية بتحرير الصحراء المغتصبة.
ويقول بروفيسور قاسم عثمان نور، وهو سوداني واحد المشاركين إن المسيرة الخضراء مسيرة سلمية انطلقت الخميس 6 نوفمبر ١٩٧٦م نحو الأراضي الصحراوية المغربية بهدف استرجاعها من الاستعمار الإسباني. وقال كنت مشاركا فيها ممثلاً لجامعة الخرطوم: المسيرة شهدت مشاركة كافة أطياف المجتمع المغربي، بالإضافة لمجموعات من الأشقاء العرب، مؤكداً أن السودان كان له شرف المشاركة في هذا الحدث، وكان وفد السودان يضم حوالي (200) عضو من ممثلي النقابات والهيئات مثل نقابة الأطباء وغيرها من النقابات برئاسة الدكتور عبد الله على نقيب المعلمين السودانيين. وأكد بروف قاسم أن جلالة ملك المغرب الحسن الثاني قد أذاع إلى شعبه خطاباً في 5 نوفمبر 1979 جاء فيه “شعبي العزيز غداً إن شاء الله سنخترق الحدود، وغداً إن شاء الله ستطأون أرضاً من أرضكم، وستلمسون رملاً من رمالكم ووطنكم العزيز”.
وكان يوم المسيرة ملحمة حقيقية عظيمة تجمعت فيه فئات المجتمع المغربي وأشقاهم من كل العالم ومحبي المغرب والتأكيد السودانيين الذين كانوا في المقدمة وعقب البيان، وتوجهت المسيرة الخضراء نحو الصحراء الغربية، وهم يحملون المصاحف وأغصان الزيتون، وقد شهدت أيام السابع والثامن من نوفمبر تدفق آلاف المغاربة في مدينة الطرفاية وهي مدينة على مشارف الصحراء المغربية، وتحركت الجموع بعد اجتماعها بالزحف داخل الصحراء متوجهين إلى العيون عاصمة الصحراء، وكانت السلطات الاستعمارية قد أصدرت بياناً بأن كل من يتعدى الحدود، ويقتحم الصحراء يعتبر متعدياً على حدود أراضيها، وسوف يتعرضون للإيقاف بما في ذلك إطلاق النار على المخالفين. ولكن الجميع لم يعبأوا بهذه التحذيرات، وانطلقت دفعات تغني بحياة المغرب وملكها وشعبها وتندد بالاستعمار الإسباني. وكان السودان قام على عجل بتشكيل الوفد بعد أن أذاعت الإذاعة السودانية نداء موجهاً إلى اتحادات النقابات بفتح باب التطوع للمشاركة في المسيرة الخضراء. وكان الجميع على أهبة الاستعداد للدخول في الصحراء، ولكنه في التاسعة مساء أذاع الملك بياناً عن تراجع أسبانيا عن الصحراء، وأعلن عودتها إلى المغرب أرضاً وشعباً، وفي الوقت نفسه طلب عودة الوفود إلى مناطقها بعد أن شكرهم على تلبية النداء خاصة وفود الأشقاء العرب ومنهم السودان بوفده الكبير. وقال إن جلالة الملك الحسن الثاني قام بمنح ميدالية الصحراء المغربية لكل من شارك في المسيرة من الأشقاء العرب.