في التابوز بقلم: د/محمد ابراهيم جلي

الفترة الإنتقالية يفترض إنها مثالية وقصيرة بما يكفي أن تمهد للانتقال والتحول الديمقراطي.
والوضع الطبيعي في هذه المرحلة أن تقدم الكيانات السياسية نفسها، تطرح أفكارها وتوضح برامجها، رؤيتها ومنهجها لإدارة الدولة وتحدد مواقفها من القضايا المصيرية خصوصا وأن هناك أجيال لم تعاصر سابق التجارب.
لا يكفي أن يكون خطاب الرفض للإسلاميين (الكيزان) هو كل ما عندك – وأن تكون المنزلة – بقدر المعاداة والتجريم للمؤتمر الوطني.
فجماعة الإسلام السياسي قدمت نفسها وعرضت بضاعتها والتجربة أصدق بينة والتاريخ خير حكم.
لماذا لا تريد أيها – أن تقدم نفسك وتطرح البديل وتملأ الفراغ والفراغ الفكري.
* فيأيها الماركسي، حدث الأجيال عن مادية الكون الأزلي السرمدي الذي لا بداية له ولا نهاية.
وإن الدين أفيون الشعوب.
وحدثهم عن النظرية الشيوعية التي تقوم على صراع الطبقات والتي لا تقر مبدأ الملكية وتعتبر حتى محال الحلاقة من مؤسسات الدولة – وما التملك إلا ضرب من إنتهازية الطبقة الطفيلية.
واخبرهم بإن الشيوعية هي دعوة أممية تلغي في مرحلة من مراحلها حدود الدولة القطرية تحت شعار “يا عمال العالم اتحدوا”.
* أخبرهم أيها العروبي عن فكرة ميشيل عفلق ورفاقه البعثية ودعوتهم الشوفينية القائمة على النقاء العرقي بأننا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة والهدف تطوير مجتمع تنويري في هذه الأمة لتصبح تقدمية اشتراكية بنظام الحزب الشامل دون تعددية سياسية.
* ويأيها الوحدوي علم الأجيال بأن عبدالناصر عمل على جمع القدرات العربية لتصبح الوحدة واقعا وتتحرر الأرض العربية من دنس اليهود، ورغما عن ذلك سقطت في عهده: سيناء، قطاع غزة، الضفة، والجولان وضرب العدو الصهيوني طائراته في مرابضها.
وإنه ومجموعته وإن جاؤوا  برسالة العدالة الاجتماعية إلا أنهم اغتصبوا الأملاك باسم الاستصلاح الزراعي وكمموا الأفواه وأعملوا الاستبداد في ملايين البسطاء.
ودعم عبدالناصر كل الأنظمة الشمولية العسكرية في الإقليم بما في ذلك إنقلاب نميري الذي جاء على الحكومة الشرعية في السودان.
* ويا أبناء الأستاذ – نوروا الجماهير بفكرة محمود محمد طه ورسالته الثانية وقولوا لهم إن شريعة دولة المدينة لا تصلح لإنسان القرن العشرين أو كما قال الشيخ الذي وصل درجة من الصلاح أهلته لرفع الصلاة ذات الحركات عنه.
* قولوا لهم أيها الأنصار إن الإمام – هو المهدي المنتظر الذي علق رؤوس المستعمرين (الكفرة) على أبواب الخرطوم وأقام دولة الإسلام وبعد التحرير تفرغ للحياة المدنية فكان تحته من النساء ما يفوق الأربعين (جعلها الله في ميزان حسناته).
قولوا لهم إن المهدي وصلته الأوامر الإلهية والنبوية عن طريق الرؤى في المنام والهواتف حال اليقظة.
وإنه أجلس على الكرسي مهديا منتظرا في حضرة الخلفاء الراشدين وكان مقلدا بسيف النبي ومصحوبا بسيف عزرائيل في المعارك.
وإن نبي الله الخضر كان يصلي خلف خليفة المهدي ود تورشين في مسجد الأنصار.
* علموا الأجيال يا أبناء الختم حفيد الخاتم الذي كان مباركا وتحل البركة بكل من رآه.   وكان إذا وضع قدمه الطاهر على موقع حلت فيه البركة وآل إليه كرما واعتقادا.
اخبروهم بقناعته وتوجهه السياسي في الإتحاد مع الشقيقة مصر لذلك نحن إتحاديون وأشقاء.
وإن الاستقلال نلناه بنضال قيادات الحزب، وعندما وقف الزعيم الأزهري معلنا الاستقلال من داخل قبة البرلمان؛ ارتعد الحاكم الإنجليزي من ذلك الصوت المجلجل وأجلى قواته وأنزل علمه من السارية في الحال.
تالله لأمرنا الشقاء عينه؛ إذا كانت هذه هي التجارب التي ستنقلها لنا النخب المنقذة وهذه هي النجاحات التي نستضيء بإشعاعها ونقتدي بمنهجها ونستلهم منها ونسحب – على واقعنا بما يكسر القمقم لينطلق المارد في الفضاءات الرحيبة.