حسين خوجلي يكتب: عزيزتي الجمعة تحيةً واحتراما (ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم)

“انسانيون”

من العتاب الرباني الذي يجب أن يكون مصدر لكل دساتير الانسانية وهي تعيش زمان التفرقة بين الناس. يبقى هذا الأثر القدسي مرشحا ليتصدر قوانين عصبة الأمم
حُكي أن ابراهيم الخليل ما كان يأكل الطعام حتى يجد ضيفاً. فلم يأكل يوماً وليلة لعدم الضيف فخرج إلى البراري يطلب ضيفاً فرأى شيخاً ففتشه فاذا هو مشرك فقال له: (لو كنت مسلماً لأضفناك) وذهب عنه فنزل جبرائل وقال: (يقول الجليل رزقته سبعين سنة ووليت غذاءه يوماً اليك فلم تطعمه؟)

“نسبية الفساد”

لقد أتانا حين من الدهر ليس فيه أمراء أو علماء لا شكلاً ولا مضمونا، ولذلك فالفساد فيهم درجة متقدمة من العدل يا سيدي يا رسول الله.
فقد جاء في الحديث: (صنفان من أمتي اذا صلحا صلح الناس واذا فسدا فسد الناس: الأمراء والعلماء)

“التعريف الأصل”

يعجبني رد أبو سليمان الداراني على أحد جلسائه الذين أرادوا التطاول على مقام سيدنا عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف. والرجل القادح يظن أن الثراء في الصالحين منقصة فقال: (إن عثمان وعبد الرحمن كانا موسرين؟)
فأجاب الداراني في صرامةٍ وحكمة: (اسكت! انما كان عثمان وعبد الرحمن خازنين من خزان الله في أرضه ينفقان في وجوه الخير)
يا سلام!!!

“متين يا علي تكبر تشيل حملي؟”

ومن الوصايا التي نخلصها للجنة الاختيار الوزاري مع علمنا مسبقا بأنهم لن يلتزموا بها، الحض على تولية الشباب مع التزام القيم التي يؤمنون بها فتجعلهم من خالص أغلبية هذا الشعب المؤمن وقادته.
فقد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جميع الأنصار وكبار المهاجرين على حداثة سِنِّه، وعتاب بن أسيد ولاه مكة وبها أكابر قريش، ومنهم عبد الله بن عباس على جلالة قدره وحفظه من العلم.

“ناقوس الخطر”

وفي الحديث الذي رواه ابن عباس مما يُعد من التنبيهات والقوارع: ( من أتى عليه أربعون سنة، ثم لم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار)

“ولكن احسن الشَعرِ فاحمه”

ولمثل هذا شاعت الاصباغ والحناء وغلي الطلاء الحميد وغير الحميد الأسود لشعر الرجال والنساء واللحى والشوارب مع جمال اللون الأبيض ومن أغرب ما قرأته فيه قول المتنبي:
وما كره الناس البياض لأنه قبيحٌ
ولكن أحسنُ الشَعرِ فاحمهُ

وتقول الحكاية: مر رجل أشيب بامرأة عجيبة الجمال فقال: يا هذه إن كان لك زوج فبارك الله لك فيه، وإلا فأعلمينا
فقالت: كأنك تخطبني
فقال: نعم
فقالت: إن فيّ عيباً
قال: وما هو؟
قالت: شيب في رأسي. فثنى عنان دابته
فقالت: على رسلك فلا والله ما بلغت عشرين سنة، ولا رأيت في رأسي شعرة بيضاء، ولكنني أحببت أن أُعلمك أني أكره منك مثل ما تكره مني
فأنشد ويقال إنه لابن المعتز:
رأين الغواني الشيب لاح بمفرقي
فأعرضن عني بالخدود النواضرِ

“يال البشرى فقد تجرعته الزهراء”

من مدارس الكادر لو صحت التسمية التي دخلها الصحابة وتعلموا فيها مدرسة الفقر الذي يطال المأكل والملبس مع الثراء بالقناعة الذي يظلل القلوب والعقول.
وما بين فقر الأولى وثراء الثانية دانت لهم الدنيا، وخضعت لهم الممالك والامبراطوريات. وفي حديث جابر رضي الله عنه نطالع الدرس الأول: فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على إبنته فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها وهي تطحن بالرحى، وعليها كساء من وبر الإبل فبكى، وقال: تجرعي يا فاطمة مرارة الدنيا لنعيم الاخرة.
هذا هو دين الأغلبية الذي يريد حمدوك والحلو شطبه من قلوب ملايين السودانيين لإرضاء حفنة من العلمانيين والملاحدة والعملاء.. خسئتم فالماضي والحاضر والمستقبل لهذا الدين

“ترُى ماهي هدية السودان؟”

أُهدي إلى سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ثمانية أشياء متباينة في يوم واحد: فيلة من ملك الهند، وجارية من ملك الترك، وفرس من ملك العرب، وجوهرة من ملك الصين، وإستبرق من ملك الروم، ودرة من ملك البحر، وجرادة من ملك النمل، وذرة من ملك البعوض، فتأمل ذلك وقال: سبحان القادر على جمع الأضداد.
لو عاصر نبي الله سليمان بن داود زماننا هذا تُرى ماذا كان سيهديه رئيس المجلس السيادي؟

“رزق ساقه الله اليك”

استدل (الظاهرية) في احكامهم على مباشرة عمر في فهمه للنصوص. وآخرون استدلوا على عمقه في فهم الأحكام مثل تعطيله لحد السرقة في عام الرمادة.
وفي الاستدلال الظاهري أن أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية الى عمر فردها.
فقال: يا عمر لِمَ رددت هديتي؟
فقال عمر رضي الله تعالى عنه: إني سمعتك تقول: خيركم من لم يقبل شيئا من الناس.
فقال: يا عمر إنما كان ذلك ما كان عن ظهر مسألة، فأما اذا أتاك من غير مسألة، فإنما هو رزق ساقه الله إليك

“ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم”

عبرت قبل أيام بمنزل الشيخ العارف الصالح الفقيه المجاهد حسن عبد الله الترابي (بيت الشعب) فتذكرت أياماً كانت الدار عامرةٌ ومأهولة برجالٍ كالنجوم غار بعضهم في التراب، وسمق بعضهم بالشهادة، وغيبت بعضهم غياهب السجون، وآخرون اصطبروا على العهد والابتلاء وما بدلوا تبديلا.
فتذكرت الأبيات البليغة في التأسي والتدبر فطفرت أدمعي وكانت قبل هذا اليوم عصية على الافتضاح:

يا منزلاً عبثَ الزمانُ بأهلهِ
فأصابهم بتفرقٍ لا يجمعُ
أين الذين عهِدتُهُم بك مرةً
كان الزمان بهم يضرُ وينفعُ
أيام لا يَغشى لذكرِك مَربعٌ
إلا وفيه للمكارمِ مرتعُ
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافِهِمْ
وبقي الذينَ حياتُهُم لا تَنفعُ