حسين خوجلي يكتب: والذي نفسي بيده لن يدخلوا الخرطوم

إن جمهرة الطغاة الغاصبين يستغلون هذه الايام حالة الضعف والسيولة التي تعيشها بلادنا فيحاولون عبرها اغتصاب الخرطوم مذلة من الشرق والغرب والجنوب والشمال، يساندهم في الأمر حكومة قحط الجاثمة على صدور شعبنا بمشروعية الوثيقة المزيفة

هذه الحكومة التي ينطبق عليها الحد الأدنى من التعريف بأنها الأوهن ولاية في تاريخ البشرية حيث يشاهد كل العالم سقوطها السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي والتشريعي والاخلاقي حتى اصبح الشعب السوداني الاشرف في المنطقة اضحوكة الشعوب ومثار التندر والازدراء بعد أن اعادت حكومة الأجانب للأسف مقولة رجل أفريقيا المريض.

ورغم أن كل معطيات الراهن تُغري المحبين والشامتين معا بالانتقاد المر والتشفي المجاني من المآل والاحوال إلا أن اصحاب الاستشراف المضئ والايمان الراسخ يتوجب عليهم أن يرتفعوا بالشعب من طين الواقع الى جوهر القادم العفيف والشفيف ببشارة القرآن: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)

ولأن اوتاد بلادنا الأربعة وقلبها النابض الخرطوم محمية ومصانة بالاتقياء الأخفياء والاقطاب الصالحين الذين إن رفعوا أكفهم لله وسألوه ليل نهار لأبرهم. فقد استحضرت من بينهم تأسياً سيرة السلف الصالح والخلف المهتدي حكاية عرفانية، أوثقها علها تبدد غلواء البغضاء والبلاء والدماء التي رانت على قلب الجنينة وكادوقلي وبورتسودان الحبيبة حتى تبعث في قلوب هذا الشعب المؤمن الصابر المُبتلى نفحة من الأمل والطمأنينة والرضا.

قال الشاهد: إن الصالح الفقيه سفيان الثوري كان يُكثر من انتقاد سياسة المنصور العباسي ويهاجم بطشه لمخالفيه فبلغ الأمر المنصور فقال لأمير جنده: (إني قد انتويت الحج هذا العام، ولن أدخل مكة إلا اذا تدلى جسد سفيان الثوري عند مدخلها مصلوبا)

بلغ التهديد أهل مكة وكان سفيان ملازما البيت الحرام منقطعا للصيام والقيام ومجالس الاستنارة والعلم، وكان في رفقته اثنان من أساطين الزهد والعلم والصلاح الفضيل بن عياض وسفيان بن عيينه وكانا يلاطفانه (ويدللانه) حبا وكرامة. وكان
حين ترهقه العبادة يسند رأسه على حجر ابن عياض وقدميه على حجر ابن عيينه ولدى هذه الاستراحة الفياضة بالاخاء، أسرا له بتهديد المنصور وقالا ناصحين: (عليك بالاستتار والتخفي فإن في قتلك وصلبك ما يشيع وسط العامة بأن أهل الدنيا قد انتصروا على أهل الآخرة فتهون في نفوسهم مقامات الحق والصالحين)

هنا انتفض سفيان الثوري قائما وولى وجهه الكعبة وقالها بفرقان التوكل: ( والذي نفسي بيده لن يدخلها ) وبعد ساعة من رجائه كبرت مكة وهللت بالخبر العظيم بأن المنصور حين بلغ الحجون تعثرت دابته فسقط على وجهه ومات لتوه. كان المشهد جليلا ورامزا حين دخلوا بجثمانه الحرم وصلى عليه سفيان الثوري.

إن حلم الطغاة من العلمانيين والمراكسة والشعوبيين والعنصريين والصهاينة والصليبيين باغتصاب الخرطوم كثيف وكبير وخطير ومخيف، ولكن في معقود عقيدة هذا الشعب وايمانهم الواثق فإن حفيد سفيان الثوري الأسمر سوف يستقبل قبلته بصحبة ٤٠ مليون سوداني ويقولها مدوية بالغةٌ مسرى الليل والنهار ( والذي نفسي بيده لن يدخلونها)

حاشية:

من نافلة القول أن حفيد الثوري السوداني لن يصلي على (المقهور) كما صلى جده قديما على (المنصور) لأنهم هذا لا يملك بعض طهره ودينه وكبريائه، وسوف توارى الجيفة في غير مقابر المسلمين.